النبي معلمًا ومربيًا خطبة الجمعة للدكتور محروس حفظي
خطبة الجمعة القادمة
خطبة الجمعة القادمة 22 أكتوبر 2021م : ” النبي (صلى الله عليه وسلم) معلمًا ومربيًا” ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ: 15 ربيع الأول 1443هـ – الموافق 22 أكتوبر 2021م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 22 أكتوبر 2021م ، للدكتور محروس حفظي : “النبي (صلى الله عليه وسلم) معلمًا ومربيًا”.
– ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 22 أكتوبر 2021م ، للدكتور محروس حفظي : “النبي (صلى الله عليه وسلم) معلمًا ومربيًا” ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 22 أكتوبر 2021م ، للدكتور محروس حفظي : ” النبي (صلى الله عليه وسلم) معلمًا ومربيًا”، بصيغة pdf أضغط هنا.
___________________________________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
عناصر خطبة الجمعة القادمة ، للدكتور محروس حفظي : ” النبي (صلى الله عليه وسلم) معلمًا ومربيًا” :
(أ) النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُربِّي الأطفالَ والشبابَ .
(ب) العفوُ والتسامحُ والرفقُ أهمُّ ما يُمَيزُ المنهج النبويّ .
(ج) بعضُ أساليبِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في التوجيهِ والتهذيبِ .
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة ، للدكتور محروس حفظي : “النبي (صلى الله عليه وسلم) معلمًا ومربيًا” : كما يلي:
الحمدُ للهِ حمدًا يوافِي نعمَهُ، ويكافِىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم، أما بعدُ ،،،
(أ) النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُربِّي الأطفالَ والشبابَ:
لقد اختارَ اللهُ رسولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واصطفَاه ليكونَ خاتمَ النبيين، وقدوةً للعالمين أجمعين، قال تعالى: ﴿لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً﴾، فكان خيرَ معلمٍ وأفضلَ قائدٍ عرفتْهُ البشريةُ، وكان حريصًا على تنشئةِ الأطفالِ وتربيتِهِم على الوجهِ الأكملِ، وعلى توجيهِ الشبابِ على المستوى اللائقِ بهم؛ إذ هُم عمادُ هذا الدينِ، وبهم يقومُ وينتشرُ، فأفاضَ عليهم من رحمتهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكان يداعبُهٌم ويعطفُ ويحنُ عليهم، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
«كَانَ رَسُولُ اللهِ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو عُمَيْرٍ، قَالَ: أَحْسِبُهُ، قَالَ: كَانَ فَطِيمًا، قَالَ: فَكَانَ إِذَا جَاءَ رَسُولُ اللهِ فَرَآهُ، قَالَ: أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ، قَالَ: فَكَانَ يَلْعَبُ بِهِ»([1]) .
كما وجه الآباءَ والأمهاتِ إلى حسنِ تربيتِهِم على الأخلاقِ الفاضلةِ والمُثلِ العاليةِ، فها هو يلفتُ الانتباهَ إلى ضرورةِ تدريبِهم على خُلقِ الصدقِ وعدمِ الكذبِ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِنَا وَأَنَا صَبِيٌّ، قَالَ: فَذَهَبْتُ أَخْرُجُ لِأَلْعَبَ، فَقَالَتْ أُمِّي: يَا عَبْدَ اللَّهِ تَعَالَ أُعْطِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيَهُ؟» قَالَتْ: أُعْطِيهِ تَمْرًا، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تَفْعَلِي كُتِبَتْ عَلَيْكِ كَذْبَةٌ»([2]) ، وصدقَ القائلُ:
وينشأُ ناشئُ الفتيانٍ مِنَّا … على ما كان عوَّدَهُ أبوهُ
ويأمرُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بضرورةِ تعليمِهم فريضةَ الصلاةِ متدرجًا معهم حسب الفئةِ العمريةِ، فقال: «مروا أولادَكُم بالصلاة وهم أبناءُ سبع سنين، واضربوهم عليها، وهم أبناءُ عشر، وفرقوا بينهم في المضاجعِ»([3]) .
لقد كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرآنًا يمشي على الأرض:
وكانت سيرتُه تطبيقًا عمليًّا لما جاء في كتاب اللهِ تعالى، فلخصَ أخلاقَهُ وأوصافَهُ فقال: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾، فهو فاقَ كلَّ الأخلاقِ والفضائلِ حتى صار مضربَ الأمثالِ، فأصبحَ مستعليًا عليها، متصفًا بها ظاهرًا وباطنًا، قائمًا وقاعدًا مع أحبابهِ وأعدائهِ .
وانظر في تأديبهِ للشابِ الذي جاءه يطلبُ منه أنْ يرخصَ له فعلَ الفاحشةِ، كيف كانت معاملتُهٌ له، وكيف كان توجيهُهُ له ولأمثالهِ إلى يوم القيامةِ، فلم يغلظْ له، ولم يعرضْ عنه، ولم يحتقرْهُ ولم يترفعْ عنه كحالِ الكثيرين منا، لكنه مسحَ على قلبهِ فبرأَ بإذن اللهِ من كلِّ الأمراضِ، وخلا من جميع الأسقامِ والأدواءِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: «إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا، فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ وَقَالُوا: مَهْ، مَهْ، فَقَالَ: ادْنُهْ، فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا، قَالَ: فَجَلَسَ قَالَ: أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ؟ قَالَ: لَا. وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ، قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ؟ قَالَ: لَا، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ: وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ، قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ؟ قَالَ: لَا، وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ، قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ؟ قَالَ: لَا، وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ، قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ؟، قَالَ: لَا، وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ، قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ، فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ»([4]) .
(ب) العفوُ والتسامحُ والرفقُ أهمُّ ما يُميزُ المنهج النبويّ:
لقد كانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ متسامِحًا معَ البشرِ، يعفُو عنهُم ويصفحُ، وقدْ سئلَتِ السيدةُ عَائِشَةُ رضيَ اللهُ عنهَا عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللهِ، فَقَالَتْ: «لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا وَلاَ صَخَّابًا في الأَسْوَاقِ، وَلاَ يَجْزِى بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ»([5]) .
وقدْ جعلَ اللهُ تعالَى خُلُقَ العفوِ مِنْ صفاتِ المؤمنينَ المتقينَ، فقالَ تعالَى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ﴾ ، فالسماحةٌ تتمثلُ في العفوِ عمَّن أساءَ، وفي صلةِ من قطَعَ، وفي إعطاءِ من منَعَ، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ في وصيتِه لعقبة رضي اللهٌ عنه: «يَا عُقْبَةُ، أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَفْضَلِ أَخْلَاقِ أَهْلِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، تَصِلُ مَنْ قَطَعَكَ، وَتُعْطِي مَنْ حَرَمَكَ، وَتَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَكَ، أَلَا وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُمَدَّ لَهُ فِي عُمُرِهِ وَيُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ فَلْيَصِلْ ذَا رَحِمِهِ»([6]) .
فعلينَا أنْ نتمسَّكَ بِهذهِ الأخلاقِ النبويةِ، ونتسامَحَ فيمَا بينَنَا، ونصفَحَ عمَّنْ أساءَ إلينَا ابتغاءَ مرضاةِ ربِّنَا، وطلبًا للثوابِ منهُ سبحانَهُ، وإشاعةً للمحبةِ فِي المجتمعِ ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾
وانظر في تعاملهِ مع مَن لا يُحسن الصلاةَ كيف علمَهُ برفقٍ ويسرٍ وسهولةٍ دون قسوةٍ أو استعلاءٍ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
«أَنَّ رَسُولَ اللهِ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ ، فَرَدَّ رَسُولُ اللهِ السَّلَامَ قَالَ: ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» فَرَجَعَ الرَّجُلُ فَصَلَّى كَمَا كَانَ صَلَّى، ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ:
«وَعَلَيْكَ السَّلَامُ» ثُمَّ قَالَ: «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ الرَّجُلُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَ هَذَا عَلِّمْنِي، قَالَ: «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا»([7]) .
إنّ العاملَ الأكبرَ في انتشار الإسلامِ في عصرهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والصحابةِ من بعده إنما هو القدوةُ الحسنةُ والأخلاقُ الكريمةُ:
كالرفقِ واللينِ والسماحةِ التي لمسَها المدعون في هذا الجيلِ الفذِّ من المسلمين خاصةً في مجال التجارةِ من البيع والشراءِ، هذه الأخلاقُ وغيرهَا دفعتْ هؤلاء الناسِ يفكرون في هذا الدينِ الجديدِ الذى يحملُهُ هؤلاء، وغالبًا كان ينتهي بهم المطافُ إلى الدخولِ في هذا الدينِ، وحبِّ تعاليمهِ، وصدق صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا عُزِلَ عَنْهُ إِلَّا شَانَهُ»([8]).
فما أحوجنَا إلى أن نتمثلَ هديَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ذكرى مولدِه، يقولُ الباحثُ الفرنسيُّ «كليمان هوارت»: «لم يكن محمدًا نبيًّا عادياً، بل استحقَّ بجدارةٍ أنْ يكونَ خاتمَ الأنبياءِ؛ لأنه قابلَ كلَّ الصعابِ التي قابلتْ كلَّ الأنبياءِ الذين سبقوه مضاعفةً من بني قومهِ، ولو أنّ المسلمين اتخذوا رسولَهُم قدوةً في نشر الدعوةِ لأصبح العالمُ مسلمًا» .
(ج) بعضُ أساليبِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في التوجيهِ والتهذيبِ:
المستقرءُ لسيرةِ سيدِ البشرِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجد فيها الكثيرَ من الأساليبِ والتوجيهاتِ التربويةِ التي نحتاجُها اليوم في حياتِنا اليوميةِ، وقد أخذهَا علماءُ الغربِ وطبقوهَا فيما بينهم فكان كما ترى من التقدمِ والازدهارِ والرقي والافتخارِ، من هذه الأساليبِ: أسلوبُ السترِ في الموعظةِ وفيمن ارتكبَ المعاصيَ والمنكراتِ حتى لا يُفْضَحَ الشخصُ، ويُشَهر به، فيؤثر نفسيًا ومعنوياً عليه، بل ربما قادَهُ ذلك إلى الانتقامِ ممن فعلَ ذلك إو إلحاقِ الأذى بنفسهِ، فعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: رَخَّصَ رَسُولُ اللهِ َ فِي أَمْرٍ، فَتَنَزَّهَ عَنْهُ نَاسٌ مِنَ النَّاسِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ، فَغَضِبَ حَتَّى بَانَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْغَبُونَ عَمَّا رُخِّصَ لِي فِيهِ، فَوَاللهِ لَأَنَا أَعْلَمُهُمْ بِاللهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً»([9]) .
ومن أساليبهِ أيضًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استثمارُ المواقفِ والفرصِ في الخير والنفعِ بحيثُ لا تضيعُ سدىً وهباءً؛ إذ تنطبعُ في ذهن السامعِ والمشاهدِ فلا ينساها، بل يتجددُ العهدُ بها كلما استحضرهَا في ذاكرتهِ، أو رأى أمثالَها، فعنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ: «رأى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةً تبحثُ عن ولدِها، فأَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ: أَتَرَوْنَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ؟ قُلْنَا: لَا، وَاللهِ وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لَا تَطْرَحَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ: لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا»([10]) .
إلى غيرِ ذلك من الأساليبِ التي يضيقُ المقامُ بسردهَا هنا:
فما ذكرتُه إنما هو قطرةٌ من بحرٍ، وغيضٌ من فيضٍ، فنحن جميعًا نحتاجُ إلى ولادةٍ من جديدٍ في ذكرى ميلاد الحبيبِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وتغييرِ ما بأنفسنا من من قلوبٍ حاسدةٍ، وأطماعٍ حاقدةٍ، ووجوهٍ عابسةٍ، وصدق اللهُ العظيمُ حيثُ قال في محكم التنزيلِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾
نسأل اللهَ جل وعلا أن يرزقنَا أدبَ نبيِّنا، وهديَ شفيعِنا، وأن يأخذً بأيدينَا إلى أحسن الأخلاقِ، ويصرفَ عنا سيئَها، وأن يستعملنا في خدمة دينِنا ووطنِنا، وأن يحفظ بلادَنا، وسائرَ بلادِ العالمين، وأن يوفق ولاةَ أُمورِنا لما فيه نفع البلادِ والعبادِ .
الدعاء ،،، وأقم الصلاةَ ،،،
كتبه: الفقيرُ إلى عفو ربه الحنانِ المنانِ
د / محروس رمضان حفظي عبد العال
عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر الشريف
( ([2]- حديث صحيح: رواه أبو داود في سننه 4991، والإمام أحمد في مسنده 15702 .
[3]حديث صحيح: رواه أبو داود في سننه495 .
( ([4]- حديث صحيح: رواه الإمام أحمد في مسنده 22211، والبيهقي في شعب الإيمان 5032 .
[5]حديث صحيح: رواه الترمذي 2016 .
( ([6]- حديث مرسل: رواه الحاكم في المستدرك 7285 .
[7]حديث صحيح: رواه الإمام أحمد في مسنده 22211، والبيهقي في شعب الإيمان 5032 .
( ([8]- حديث صحيح: (متفق عليه) .
[9]حديث صحيح: رواه الإمام مسلم في صحيحه 2356 .
( ([10]- حديث صحيح: (متفق عليه) .
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف